دعونا في البداية نفرق ما بين الخصوصية والسرية. الخصوصية مسألة حيوية وأصيلة لتمكين الفرد من التحكم في تفاصيل حياته ومعلوماته الشخصية كيفما يشاء بما في ذلك اختيار كيفية المشاركة والقدر والزمن والوسائط والأشخاص بدون أي تدخل أو جبر، ويوجد درجات مختلفة من الخصوصية. ودعونا نتفق أيضا أن الخصوصية ضرورية لقدرة الفرد على اتخاذ قرارات على نحو واعي ولبناء حصيلة معارف ومعلومات إنسانية. أما بالنسبة للسرية - والتي ككلمة قد تحمل لدى البعض منا طابعا سلبيا أو خطيرا- فهي إحدى درجات الخصوصية المختلفة. وفي الواقع كلنا لدينا أسرار متنوعة من الطفولة وذكريات وأخطاء ارتكبناها وإلى آخره من أحداث ومعلومات إنسانية نفضل تصنيفها على نحو خاص جدا أو سري. المبدآن التاليان يرتبطان بشدة ويتقاطعان: الشفافية والمحاسبة. فلا يمكن محاسبة أحد بدون شفافية، والشفافية تنطلق من أهمية قيام الأفراد والمجموعات من المحاسبة الدورية للمسئولين من منطلق الالتزام بالحقيقة والواجب. على الجانب الآخر نجد من المسئوليات الوظيفية الأصيلة لحراس السلطة مقاومة أي محاولات أو مبادرات لتطبيق أي من المبدأين لأن السلطة تهوى أن تكون في موضع من ي...