التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل يتوجب على الحكومة مراقبتنا أم العكس؟

دعونا في البداية نفرق ما بين الخصوصية والسرية. الخصوصية مسألة حيوية وأصيلة لتمكين الفرد من التحكم في تفاصيل حياته ومعلوماته الشخصية كيفما يشاء بما في ذلك اختيار كيفية المشاركة والقدر والزمن والوسائط والأشخاص بدون أي تدخل أو جبر، ويوجد درجات مختلفة من الخصوصية. ودعونا نتفق أيضا أن الخصوصية ضرورية لقدرة الفرد على اتخاذ قرارات على نحو واعي ولبناء حصيلة معارف ومعلومات إنسانية. أما بالنسبة للسرية - والتي ككلمة قد تحمل لدى البعض منا طابعا سلبيا أو خطيرا- فهي إحدى درجات الخصوصية المختلفة. وفي الواقع كلنا لدينا أسرار متنوعة من الطفولة وذكريات وأخطاء ارتكبناها وإلى آخره من أحداث ومعلومات إنسانية نفضل تصنيفها على نحو خاص جدا أو سري.

المبدآن التاليان يرتبطان بشدة ويتقاطعان: الشفافية والمحاسبة. فلا يمكن محاسبة أحد بدون شفافية، والشفافية تنطلق من أهمية قيام الأفراد والمجموعات من المحاسبة الدورية للمسئولين من منطلق الالتزام بالحقيقة والواجب. على الجانب الآخر نجد من المسئوليات الوظيفية الأصيلة لحراس السلطة مقاومة أي محاولات أو مبادرات لتطبيق أي من المبدأين لأن السلطة تهوى أن تكون في موضع من يسأل وليس من يُسائل – والجملة الأشهر التي نسمعها كثيرا من حراس السلطة: مصالح الدولة العليا – ولكنهم في الواقع يقصدون مصالح السلطة الحاكمة.

وبشكل عام من المفترض أن يقوم صاحب المال بتحديد بنود وأوليات صرف المال، ويقوم بمحاسبة من يقوم بإساءة الصرف بناء على متابعة كيفية الصرف من خلال عنصري العلانية والشفافية – وهذا يحدث في بلاد تنعم بوجود حراس من المجتمع. وفي أحوال أخرى لا يكون لصاحب المال أي سلطة على ماله ولا يعلم المصروفات على الإطلاق كما أنه لا يدرك مصير ماله – وهذا يحدث في بلاد حراس السلطة.

عقلية حراس السلطة تتمحور حول حراسة المجتمع من أي شيء يختلف مع عقيدتهم وحماية أنفسهم من الشفافية والمساءلة. ولتحقيق تلك الغاية نجد قيام رؤوس السلطة بالإفراط في الصلاحيات والسلطات التي يمنحونها ﻷنفسهم ولحراسهم.

يتذرع حراس السلطة بضرورة المراقبة من منطلق أسباب مثل الوقاية من الجريمة والحرب على الإرهاب والسيطرة على المجرمين، وهنا نجد أن الغاية بشكل عام قد تكون مفهومة ولكن وسائلهم ليست كذلك، خصوصا مع انعدام أي آليات للمساءلة وإتاحة المعلومات للجمهور على نحو واعي. علينا أن ندرك أن مناقشة التطبيقات المختلفة للمراقبة مسألة تلي مناقشة وخلق آليات حاكمه للمراقبة وفق مبادئ المساءلة والمشروعية والضرورة والتناسب – فالمراقبة ليست مسألة منفردة بذاتها وليست منعزلة عن بناء أكبر.

ونجد اليوم من التأثيرات الاجتماعية للمراقبة المفروضة من حراس السلطة أننا كلنا نخضع للمراقبة ونتعامل مع الأمر على أنه شيء طبيعي ونقوم بالمزاح حول الموضوع، ولكننا لا نرى بشكل واضح أن خضوعنا الدائم للمراقبة يشكل قيودا على الحاضر تظهر نتيجته على المدى البعيد في محصلة معارفنا الإنسانية وقدرتنا على الإبداع والمعرفة والتنظيم وإيجاد حلول وبدائل ثرية.

تخيلوا قيامكم الآن بالرسم أو كتابة مجموعة سطور في ظل وجود شخص يقف بجواركم يراقب ما تقومون به ويقول لكم هذا جائز وذاك غير جائز، ويقرر الحكم على أفكاركم وفرض أفكاره، ثم يقرر تقييم وتصنيف ما قمتم برسمه أو كتابته متدخلا في كافة التفاصيل. تخيلوا قيامكم باستخدام هاتف محمول لكتابة رسالة نصية إلى أحد أفراد العائلة واكتشفتم وجود شخص غريب وراءكم يقرأ ما تكتبونه ويسخر أو يسألكم من هذا الشخص؟

 * تم نشر هذا المقال على موقع هنا صوتك بتاريخ 23 نوفمبر 2015.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل تعلم: الفرق بين واتساب وماسنجر من حيث الحماية والخصوصية والاسترجاع والملكية

اهلا بيكم في حلقة جديدة من حماية سمارت عالواقف.. أوقات كتير بنحاول نقارن ما بين تطبيقات مختلفة عشان نعرف نستعمل انه تطبيق في أي موقف ومع أنه ناس سواء شغل او اصحاب او عائلة إلى اخره. المرة دي هنختار واتساب وماسنجر ونوضح ببساطة الفرق من حيث: حماية حسابك - استرجاع حسابك - خصوصية المحادثات والمكالمات - ملكية بياناتك. الحلقة: View this post on Instagram A post shared by Ramy Raoof رامي رؤوف (@ramycarmella)  حلقات سابقة مرتبطة بالموضوع: *  حلقة 7 | كيفية اختراق مستخدمي واتساب وطرق الحماية . *  حلقة 4 | حماية فيسبوك 6 خطوات في السريع .

رحلتي في التعافي على مدار ٤ سنين

مفيش اي حد حقيقي هيساعدك غير نفسك.. صدقني مهما كان القاع مظلم وحاسس الحياة متهالكة احضن نفسك طمن نفسك وامسك ايدك خطوات صغيرة. ده عبارة عن مجموعة صور كل واحد بيحكي رحلتي في التعافي والصحة النفسية والبدنية على مدار اخر ٤ سنين عملت فيهم ٣ عمليات جراحية منهم اثنين في رجلي اليمين كان جالي كذا تمزق في الغضروف، واستئصال الزايدة لانها كانت على وشك تعمل بووم. كنت بعارف جامد مع الاكتئاب والتروما، وحالتي النفسية كانت متهالكة تماما ومعاها جسمي وروحي... [قضيت فترات بصلح جسمي] وزني وصل ١٢٥ كيلو على مشاكل غضروف وصدرية وكوليسترول، كنت دبدوب بكرش ثري دي بسند عليه الكيبورد والشاي. المهم، بدأت رحلتي في التعافي خطوات صغيرة، تكريس كل وقتي في تحسين وتطوير حالتي النفسية والبدنية ومعاها الروحانية.. مزيج من الرسم، والتليون، والرقص، والطبلة، والملاكمة، وتاي تشي، وسكاي دايفينج انا فتحت باب الطيارة ونطيت كذا مرة، وسباحة، وركوب عجل يوميا، وجري، وتسلق..  بس حقيقي من كل التجارب دي اكتر حاجة دخلت فيها بقوة ومزاج هي رياضة الكاليسثنكس، واهم حاجة عملتها اني اخدت التعافي بدوام كامل واقصى التزام اقدر عليه. مكنش ...