التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا ينزعج حراس السلطة من خصوصية الناس؟


عندما نكون جالسين في مقهى أو مكان عمومي نتبادل الحديث حول مسألة عائلية أو مشكلة شخصية، ويقترب نحونا شخص لا نعرفه نبدأ تدريجيا في خفض أصواتنا -المنخفضة- إلى أن نشعر بخصوصية وراحة لاستكمال الحديث مرة أخرى. وإذا لاحظنا أن ثمة شخصا يجلس بجوارنا ويستمع لحديثنا نشعر بالغرابة وأحيانا بالغضب من التطفل.

على صعيد تفاعلنا وسلوكياتنا الاجتماعية نمارس بدون تردد درجات مختلفة من خصوصية وعلانية المعلومات. قد ندخل إلى مقر العمل ونصيح بصوت مرتفع معلنين شأنا شخصيا سعيدا، وقد نتحدث في الهاتف بنفس المقر في مكان معزول لأسباب "شخصية". وعند زيارتنا لطبيب نختار مشاركة أشخاص محدودين لاطلاعهم بحالتنا الصحية، وقد نفضل الاحتفاظ بالمعلومة ﻷنفسنا فقط.

الخصوصية أمر جوهري وميسرة لقدرتنا على الممارسة الفعلية لسائر الحقوق والحريات. إذا سلبت منا الخصوصية لن نكون أحرارا في الوصول للمعرفة، ولن نكون أحرارا في مقابلة من نتفق أو نختلف معهم في التفكير، ولن نكون أحرارا في تنظيم مجموعة قراءة كتب أو مبادرة ما. الخصوصية تجعل من قدرتنا على الاعتراض والتفكير والنقد والإبداع أمرا ممكنا. فقدرتنا على التعبير بحرية وتشاركنا في الأفكار يصب في تطورنا الفكري على المستوى الفردي وتراكم المعرفة على المستوى الجمعي. اكتشاف أنفسنا والآخرين من حولنا بحرية، مسألة ضرورية وخطوة أصيلة نحو بناء مجتمع ديمقراطي صحي بدون قلق من الاختلاف وخوف من المعرفة - وهو أمر غير ممكن بدون خصوصية.

الاختلاف والمعرفة عدوان للسلطة والأنظمة القمعية. تجتهد أجهزة الدولة في مكافحة الاختلاف والقضاء على المعرفة. تهتم السلطة القمعية بتعميم وجهة نظر واحدة وسرد يحتكر العقول ومعرفة ذات بعد واحد. التنوع ممنوع والاختلاف مجرم.

فساد سياسي-اقتصادي
في سبيل السيطرة والتحكم تبرز ضرورة المراقبة حتى يكون حراس السلطة على دراية بأفكار ومعارف الناس ولمعاقبتهم وقت الضرورة على التجرؤ للمعرفة وجرم الاختلاف – وذلك عند شعور الحراس بالتهديد. ينفق حراس السلطة المال لجلب أجهزة وبرمجيات المراقبة والتحكم في البنية التحتية لشبكة المعلومات والاتصالات بشكل مركزي. ويبنون علاقات وطيدة مع شركات المحمول ومقدمي خدمات الإنترنت، كما يخلقون إحساسا عاما لدى الناس بضرورة مراقبة بعضهم البعض. نواة العلاقة بين السلطة وقطاع الاتصالات تتمركز حول النفاذ لبيانات خاصة بالمواطنين خارج إطار الضرورة والمشروعية لإشباع فضول حراس السلطة وحب السيطرة - إلى جانب الانتفاع المادي بالطبع. وتلك النواة تتغذى على فيض من مبررات المصالح العليا والسيادة الوطنية والأمن القومي والشئون العسكرية والآداب العامة.

يزداد قلق الحراس من تنوع الآراء وثراء الصحف المستقلة بموضوعات تساهم في اطلاع الناس على معارف وأخبار مختلفة، وتنتابهم الريبة من أي تنظيم اجتماعي حتى لو كان تنظيما شبابيا لتحسين المرور أو لممارسة الرياضة.

تشويه التعريفات والتلاعب بالكلمات
ينطلق حراس السلطة في نشر مبررات مكافحة الإرهاب واستهداف المجرمين والخارجين عن القانون - قانون الحراس. ويقولون ليس لدى المواطن ما يخفيه ويخشاه، لنجد أنفسنا أمام اتهام السرية الذي يعصف بمبدأ الخصوصية. فهم لا يعترفون إلا بخصوصية السلطة وسرية بياناتها ونفقاتها ولا يرون منطق الخصوصية للناس.

يقتل الفضول حراس السلطة وينطلقون بقوة للسيطرة تدريجيا على المجال الخاص والمجال العام لأنهم يعتقدون أن الخصوصية للإجرام فقط والكل متهم حتى يثبت الولاء.

شغف المعرفة ليس جرما. وشغف تحرير البيانات وإتاحة المعلومات ليس إرهابا. الاختلاف إثراء لنا ونقمة على السلطة وحراسها.


* تم نشر هذا المقال على موقع هنا صوتك بتاريخ 23 سبتبمر 2015.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل تعلم: الفرق بين واتساب وماسنجر من حيث الحماية والخصوصية والاسترجاع والملكية

اهلا بيكم في حلقة جديدة من حماية سمارت عالواقف.. أوقات كتير بنحاول نقارن ما بين تطبيقات مختلفة عشان نعرف نستعمل انه تطبيق في أي موقف ومع أنه ناس سواء شغل او اصحاب او عائلة إلى اخره. المرة دي هنختار واتساب وماسنجر ونوضح ببساطة الفرق من حيث: حماية حسابك - استرجاع حسابك - خصوصية المحادثات والمكالمات - ملكية بياناتك. الحلقة: View this post on Instagram A post shared by Ramy Raoof رامي رؤوف (@ramycarmella)  حلقات سابقة مرتبطة بالموضوع: *  حلقة 7 | كيفية اختراق مستخدمي واتساب وطرق الحماية . *  حلقة 4 | حماية فيسبوك 6 خطوات في السريع .

رحلتي في التعافي على مدار ٤ سنين

مفيش اي حد حقيقي هيساعدك غير نفسك.. صدقني مهما كان القاع مظلم وحاسس الحياة متهالكة احضن نفسك طمن نفسك وامسك ايدك خطوات صغيرة. ده عبارة عن مجموعة صور كل واحد بيحكي رحلتي في التعافي والصحة النفسية والبدنية على مدار اخر ٤ سنين عملت فيهم ٣ عمليات جراحية منهم اثنين في رجلي اليمين كان جالي كذا تمزق في الغضروف، واستئصال الزايدة لانها كانت على وشك تعمل بووم. كنت بعارف جامد مع الاكتئاب والتروما، وحالتي النفسية كانت متهالكة تماما ومعاها جسمي وروحي... [قضيت فترات بصلح جسمي] وزني وصل ١٢٥ كيلو على مشاكل غضروف وصدرية وكوليسترول، كنت دبدوب بكرش ثري دي بسند عليه الكيبورد والشاي. المهم، بدأت رحلتي في التعافي خطوات صغيرة، تكريس كل وقتي في تحسين وتطوير حالتي النفسية والبدنية ومعاها الروحانية.. مزيج من الرسم، والتليون، والرقص، والطبلة، والملاكمة، وتاي تشي، وسكاي دايفينج انا فتحت باب الطيارة ونطيت كذا مرة، وسباحة، وركوب عجل يوميا، وجري، وتسلق..  بس حقيقي من كل التجارب دي اكتر حاجة دخلت فيها بقوة ومزاج هي رياضة الكاليسثنكس، واهم حاجة عملتها اني اخدت التعافي بدوام كامل واقصى التزام اقدر عليه. مكنش ...