وقتها كنت جزء من مجموعات ومبادرات مواجهة اعتداءات جنسية جماعية في التجمعات والمظاهرات في القاهرة على مدار الفترة بين 2013 و2016.. كنت متطوع ما بين تنظيم تدخلات ميدانية وبين مراجعة عشرات الشهادات المكتوبة من ناجيات الاعتداءات الجنسية وتحضيرها للنشر على نحو آمن بحيث هويات الناجيات أو الراويات متتعرفش من خلال أي هندسة عكسية على محتوى الشهادات لتحديد معرفات شخصية..كنت في الأول عامل نظام شخصي لترقيم الشهادات اللي بتجيلي من كل المبادرات عشان اراجعها من ناحية الخصوصية وبطلت اعد بعد ما وصلت لرقم 170.. ليلتها كان في اعتداءات كتير فوق طاقة مجموعات التدخل والمتطوعين.. نزلت اساعد.. واحنا بنساعد البنت المستهدفة أنا والمجموعة اخدنا ضرب مبرح وكانت اشتباكات عنيفة فجاة لقيت دم كتير عليا ومكنتش قادر اميز ده دمي ولا دم البنت ولا مين من كتر اندفاع الأدرينالين وانفعالي..لحظات كمان وأدركت انا برجع دم كتير.. في لحظتها بصيت لزميلتي وزميلي قلتلهم يلا نشيل البنت بسرعة ونخرج من الممر الآمن عشان انا محتاج تدخل طبي وغالبا البنت مفشوخة واحنا مش شايفين من الزحمة والضرب.روحت المستشفى وعرفت اني اخدت ضرب قوي في معدتي وبطني حصل فيها نزيف داخلي.. كان جزء من علاجي وقتها اني بدي نفسي إبرة في المعدة كل يوم لمدة أسابيع عشان اساعد الجرح واقلل القرحة. شهادة ورا شهادة وبقيت زي الكمبيوتر عارف بسرعة أعالج المحتوى من أي تعريفات شخصية مع الحفاظ على السرد.. قصة ورا قصة مليانة تفاصيل وانا مش قادر استوعب البنات بيمروا بايه ومقدار العنف البدني. في يومها بعد ما خلصت تطوع في مكان آمن بيوفر تدخلات طبية ونفسية للناجيات، كنت بساعدهم بعمل بروتوكولات سلامة، روحت البيت.. وأول مرة تحصلي نوبة بكاء حادة وغضب مشتفهمش من نفسي قبل كده.. عمري ما قولت القصة دي ﻷي حد واللي عارفينها بس اللي شافوني وكانوا معايا وطلبت منهم محدش يقول لحد نهائي.. محستش إن في أي أهمية لحكيها ومشاركتها.. وانا بكتب حسيت فجاة بامتنان شديد لكل البنات والولاد اللي اتعرفت عليهم في المبادرات دي وحسيت بمعنى الصلابة في التضامن واننا مش لوحدنا.
* الحكي لاجل التعافي * محدش يسألني زيادة *